الصفحات

الأربعاء، 23 يونيو 2010

السيمفونية :: معناها , نشأتها , تطورها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع اليوم جميل و مشوق حيث يأخذنا الى تاريخ حافل بالاحداث الرائعة
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

:: السيمفونية ::
السيمفونية (Symphony) هي مؤلف موسيقى يتكون من عدة حركات، ويكتب عادة من أجل الأوركسترا. وقد نشأ هذا النوع من التأليف الموسيقى في القرن الثامن عشر، ثم تطور علي أيدي بعض أعلام الموسيقى الكلاسيكية في القرون الثامن عشر والتاسع عشر، وأواسط القرن العشرين حتي إستقرت علي الشكل الحالي.

ومنذ القرن الثامن عشر فقد تبلور البناء العام للسيمفونية ليكون من شقين وهما:
* حركات (Movements) حيث غالبا ما تحتوي السيمفونية علي 4 حركات، تبدأ بحركة سريعة علي نمط سوناتا (sonata) ثم تليها حركة ثانية بطيئة، ثم يتبعها حركة ثالثة إما تكون علي نمط المينبوويت (minuet) أو علي نمط ثلاثي (Ternary) وقد تطورت لتصبح فيما بعد نمط شيرزو (scherzo) ثم تختتم السيمفونية بحركة سريعة علي نمط روندو (rondo) أو سوناتا أو الإثنين معا.

* آلات موسيقية (Instrumental) تقوم الأوركسترا بعزف السيمفونية عليها، وتختلف أحجامها تبعا لنوع الأوركسترا.

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

:: معنى كلمة سيمفونية ::
ترجع التسمية الإنجليزية "Symphony" إلي لفظان يونانيان وهما لفظة "Sym" وتعني Together أي "معا" بالعربية، ولفظة "phone" وتعني "صوت" بالعربية. لذلك يصبح اللفظ كاملا "Sounding Together"، وأقرب ترجمة له بالعربية هي "إنشاد جماعي". كما ترجع أيضا إلي لفظة لاتينية وهي "Symphonia".

استخدم هذا اللفظ من قبل اليونانين علي ثلاثة مراحل؛ أولها كان لإدراك التناغم بين الأصوات المتتابعة وتلك المتزامنة، ثم استخدم ثانيا لوصف الحالات الخاصة من الأصوات المتتابعة (مثل الفترة الفاصلة بين الأوكتاف الرابع والخامس في الموسيقى الحديثة)، وإستخدم ثالثا وأخيرا لوصف تناغم الأوكتاف. أما عند الرومان فقد استخدم بصفة أساسية لوصف توافق الأصوات والموسيقي وما زال يستخدم في الشعر.

أما في القرن السابع عشر، فقد ظهر اللفظ في أعمال كل من جوفاني غابرييلي (Giovanni Gabrieli) وهينريش شوتز (Heinrich Schütz) وموسيقيون آخرون. ثم جاءت اللفظة الإيطالية Sinfonia لتظهر في أعمال آخري. وهكذا بدأ اللفظ في الانتشار منذ منتصف القرن السابع عشر وتطور السيمفونية في القرن الثامن عشر خلال الحقبة المعروفة باسم العصر الباروكي (أو الحقبة الباروكية) (Baroque Era) والذي إمتد لمدة قرن بين عامي 1650-1750 م.

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

:: نشأة و تطور السيمفونية ::

القرن الثامن عشر

ترجع البدايات الحقيقية للعمل السيمفوني لعصر الباروك، مع نهايات القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر، حيث استخدمت السيمفونية كإفتتاحية إيطالية للأوركسترا (Italian overture) والتي عادة كما كانت تتكون من ثلاث حركات في أنماط راقصة. وقد ظهرت عادة في أعمال ألساندرو سكارلاتي (Alessandro Scarlatti) وآخرون. وفي ذلك الوقت لم تكن السيمفونيات تعتبر من الأعمال المشهورة، بل كانت تقتصر ثلاثة أتواع من الحفلات؛ أولها حفلات الأوبرا - وذلك في هيئة أوبرا (opera) وثانيها في الموشحات الدينية بالكنيسة - علي هيئة أوراتوريو (oratorio) كما ظهرت ثالثا في الحفلات التي تقام بدون تمثيل - علي هيئة كانتاتا (cantata). ولم تكن مدة السيمفونية في أي من هذه الصور الثلاث طويلة، بل كانت تتراوح عادة بين 10-20 دقيقة كحد أقصي.

بالتوازي، يعتبر "ريبيينو كونشيرتو" (ripieno concerto) أحد أسلاف السيمفونيات، وهو عبارة عن كونشرتو للآلات الوترية بدون صولو. وأقدم مؤلفات هذا النمط قام بها جوزيبي توريلي (Giuseppe Torelli) عام 1698. أيضا قام أنطونيو فيفالدي (Antonio Vivaldi) بكتابة أعمال علي هذا النمط، غير أن أشهر أعمال هذا النمط كانت السيمفونية الثالثة من أعمال يوهان سباستيان باخ (Johann Sebastian Bach).

وهكذا، ظلت الإفتاحية الإيطالية - بحركاتها الثلاث - هي أساس الأعمال السيمفونية في تلك الفترة، حيت كانت تتكون من حركة سريعة تسمي أليغرو (allegro)، ثليها حركة بطيئة، وتختتم بحركة سريعة. وكانت أعمال موزارت الأولي تندرج تحت هذا الإطار. وظل الوضع علي هذا الحال حتي نهاية عصر الباروك في منتصف القرن الثامن عشر، حيث حدث تحولا كبيرا في السيمفونية من خلال أعمال كل من موزارت وهايدن حيث قاما بإدخال حركة رابعة راقصة مع تعديلات بالحركة الأولي الأصلية ليصبح شكل السيمفونية كالتالي:

حركة أولي سريعة: علي نمط سوناتا (sonata)،
حركة ثانية بطيئة،
حركة ثالثة: إما تكون علي نمط المينبوويت (minuet) أو علي نمط ثلاثي (Ternary) (وقد تطورت لتصبح فيما بعد شيرزو (scherzo)،
حركة رابعة سريعة: إما علي نمط روندو (rondo) أو علي نمط سوناتا (sonata) أو الإثنين معا.

وهكذا بدأت الملامح الأساسية للبناء السيمفوني في التشكل ليتم استخدامها في الأعمال الموسيقية للقرن الثامن عشر من قبل أعلام الموسيقى الكلاسيكية. وكانت أول مقطوعة تدخل نمط المينبوويت في إطار سيمفونية ذات حركات ثلاث هي من أعمال جورج ماتييس مون  (George Matthis Moon) في عام 1740، علي أن يوهان ستاميتز  (Johan Stamitz) يعتبر أول من استخدم هذا النمط في إطار سيمفونية ذات حركة رباعية.

في هذه العصر، كان يوجد مركزان يعتبرا منارة إنتاج وكتابة الموسيقي الكلاسيكية؛ أولهما مدينة فيينا، حيث كانت تكتب فيها العديد الموسيقيين من قبل جورج كريستوف واجنسيل (George Christoph Wagenseil)، فينزل ريموند بريك (Wenzel Raimund Brick)، جورج ماتييس مون (George Matthis Moon)؛ أما ثانيهما فهو مدينة مانهايم الألمانية، حيث شهدت نشأة ما يسمي بمدرسة مانهايم (Mannheim school).

ولم تقتصر كتابة الأعمال السيمفونية علي هذين المركزين فقط، بل شهدت بعض أنحاء أوروبا كتابة السيمفونيات:

ففي لندن كان يكتب كل من يوهان كريستيان باخ (Johann Christian Bach) وكار فريدرش آبل  (Karl Friedrich Abel)،
وفي باريس فقد كان يكتب فيها فرانسوا جوزيف جوسيك (François Joseph Gossec)،
وفي شمال ألمانيا فكان يكتب فيها كارل فيليب إيمانيول باخ (Carl Philipp Emanuel Bach)،
وفي سالسبورج كان يكتب فيها ليوبولد موزارت (Leopold Mozart)،
وأخيرا في إيطاليا فقد كان يكتب العديد من المؤلفين الموسيقيين وهم: جوفاني باتيستا سامارتيني (Giovanni Battista Sammartini)، أندريا لوكيزي (Andrea Luchesi) وأنطونيو بريوسكي (Antonio Brioschi).

وفي أواخر هذا القرن، تميز بالعديد من المؤلفين الموسيقيين من فيينا وهم يوهان بابتيست فانهال (Johann Baptist Vanhal)، كارل ديتيرس فون ديترسدورف (Carl Ditters von Dittersdorf)، وليوبولد هوفمان  (Leopold Hoffmann)، غير أن هايدن (Joseph Haydn) - الذي كتب 106 سيمفونية طوال 40 عاما - وموزارت (Wolfgang Amadeus Mozart) يعتبرا من أهم أعلام هذا الموسيقي الكلاسيكية لهذا العصر بعد إدخالهما التطوير الذي ميز العمل السيمفونى.

القرن التاسع عشر

في أواخر القرن الثامن عشر، كانت الأصوات الموسيقية (vocal music) هي المعول الأساسي الذي تقوم عليه الحفلات الموسيقية، سواء كانت أوبرالية أو موشحات دينية بالكنيسة. ومع تنامي الأوركسترا في أوروبا، بدأت السيمفونية تطرق مجال الحفلات الموسيقية بقوة. وإمتدت فترة التحول هذه لمدة 30 عاما في الفترة 1790 إلي 1820. وكانت أعمال لودفيج فان بيتهوفن (Ludwig van Beethoven) هي من قامت بثبيت أركان هذا البناء في أوائل القرن التاسع عشر.

بدأت أعمال بيتهوفن - السيمفونية الأولي والثانية - متأثرة بأعمال هايدن، غير أنه ابتداء من السيمفونية الثالثة فقد استطاع بتهوفن أن يرسم لنفسه الشكل الخاص به، وقد بدأت أعماله منذ هذه السيمفونية في إعطاء أبعاد جديدة وتوسيع آفاق للعمل السيمفوني، مرورا بالسيمفونيات الآخري ووسولا إلي السيمفونية التاسعة - التي ألفها وهو أصم - حيث أعطت المجال واسعا أمام الكورس في الحركة الأخيرة - الرابعة - من السيمفونية. وقد قام بيتهوفن بالإضافة إلي فرانز شوبرت (Franz Schubert) بإدخال تغيير جديد علي نسق السيمفونية؛ حيث قاما بتطوير نمط المينبوويت  (minuet) إلي نمط آخر وهو نمط شيرزو (scherzo). وأصبحت منذ هذا القرن أصبحت أعمالهما - خصوصا قصيدة بيتهوفن التاسعة - هي المبادئ الأساسية التي راعتها الأجيال التالية في مجال الموسيقى اللكلاسيكية.

قامت أجيال الموسيقيين التالية التي شهدها هذا القرن بدمج المفردات الموسيقية التي قام بتطويرها موسيقيون أمثال جون فيلد (John Field)، لويس سبوهر (بالألمانية: Louis Spohr) وكارل ماريا فون ويبر (Carl Maria von Weber) يالتغييرات البنائية التي أدخلها لودفيج فان بيتهوفن (Ludwig van Beethoven) علي العمل السيمفوني. وكان أبرز الأعمال التي عكست هذا الإتجاه أعمال كل من الموسيقيين الألمانيين روبرت شومان (Robert Schumann) وفيليكس مندلسون (Felix Mendelssohn). وبذلك نشأت فترة غنية في الموسيقي الكلاسيكية عرفت بالرومانسية، وهي تعبر أطول فترات العصور الموسيقية، فقد إمتدت من أعمال بيتهوفن - في بدايات هذا القرن - حتي أعمال سيرجي رحمانينوف في أواسط القرن العشرين.

وهكذا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدأت السيمفونية في الانتشار أكثر وأكثر لتصبح من أساسيات الحفلات الأوركسترالية، كما إزدادت مدتها؛ فبعد أن كانت في بداياتها لا تزيد عن 20 دقيقة، وصلت إلي 60 دقيقة كما في السيمفونية التاسعة بيتهوفن. وقد ترسخت أركان البناء السيمفوني في الرسوخ، وكانت أعمال يوهان برامز (Johannes Brahms) هي خير ممثل لتلك الفترة، حيث ساهمت في تثبيت دعائم البناء من خلال مستوياتها البنائية العالية ومحتواها الفني الرفيع. في نفس الوقت كانت أعمال كل من أنطون باكنر (Anton Bruckner)، أنطونين دفوراك (Antonín Dvořák)، كاميلي سانت سينس (Camille Saint-Saëns) وتشايكوفسكي (Pyotr Ilyich Tchaikovsky) من أعلام تلك الفترة.

وفي أوخر هذا القرن، قام بعد عازفي الأرغن الفرنسيين بتصنيف أعمالهم ضمن السينفونيات التي تحمل طابع هذه الفترة - أي الطابع الرومانسي، ومن أشهرهم شارل ماري وندور (Charles-Marie Widor).

القرن العشرون

شهد القرن العشرين توسعا وتطويرا في العمل السيمفونى، وأصبح مرادفا للحفلات الموسيقية التي تؤديها الأوركسترا في دول مختلفة. وبينما استمر مؤلفون موسيقيون أمثال سيرجي رحمانينوف (Sergei Rachmaninoff) وكارل نيلسن (Carl Nielsen) في كتابة السيمفونية باستخدام حركاتها الأربعة، فقد قام مؤلفون آخرون بسلوك مسلكا مغايرا، حيث قام غوستاف ماهلر (Gustav Mahler) بكتابة سيمفونياته الثانية والخامسة والسابعة باستخدام نسق يتكون من 5 حركات، بينما قام جون سيبيليس (Jean Sibelius) بكتابة سيمفونيته السابعة باستخدام نسق يتكون من حركة واحدة فقط.

وبالرغم من هذه الإختلافات، فقد استمر التأليف السيمفوني وفق الأسس التي وضعت من قبل موتسارت وهايدن ودعمها بيتهوفن؛ أي علي نسق 4 حركات للسيمفونية. وشهدت هذا اقرن زيادة كبيرة في عدد السيمفونيات التي تم تأليفها، كما شهد زيادة في فرق الأوركسترا التي إنتشرث في العديد من دول العالم، سواء في أوروبا أو إفريقيا أو غيرها. ويندر أن تجد اليوم أي أوركسترا لا تقوم بعزف أي من أعمال هؤلاء الأعلام الذين أثروا الموسيقي بسينفونياتهم الرائعة.

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق